مستلهمين من تجربة الغزاويين في الإرباك الليلي ومسيرات العودة، أشعل الفلسطينيون في بلدة بيتا وجوارها من قرى نابلس مواجهات جبل صبيح منذ أكثر من سنة بوجه محاولات الاحتلال الاستيطانية.
لا شكّ أنّ الشبّان الذين افتتحوا هذه الجبهة في مواجهة سعي الاحتلال لتثبيت بؤرة استيطانية تحت اسم “أفيتار” على قمة الجبل، لم يكونوا على علم بأنّ هذه المواجهات ستستمرّ من آذار 2020 حتى اليوم، وستنجح في وضع حدّ لمشاريع الاحتلال الاستيطانية التي تهدف للفصل بين شمال الضفة وجنوبها، عبر حزام من المستوطنات الصهيونية يطوّق البلدات الفلسطينية ويزيد الفصل بين أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المفصولة أصلاً عن بقية الأراضي الفلسطينية بجدار الفصل العنصري.
على مدى أكثر من عام لم تهدأ جبهة بيتا وجبل صبيح سواء في النهار أو في الليل عن إدخال اليأس على قلوب المستوطنين والجنود الصهاينة بأنّ أهل فلسطين سيرضون بالمحتلّ ويقبلون بتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم. فعاليات مبدعة إذا ما قيست بالإمكانات والظروف الصعبة التي يقاسيها أهل المنطقة جراء الاحتلال وممارساته، أهمها كان إشعال دواليب المطاط والحرائق المتفرّقة والأصوات المزعجة والطبول والمفرقعات ووضع الأذان الإسلامي على مكبرات الصوت موجّهاً باتجاه وحدات الصهاينة الاستيطانية، بالإضافة إلى الأضواء المزعجة والليزر وغير ذلك مما جعل المستوطنين في توتّر دائم وكذلك الجنود الذين لم يسمح لهم الفلسطينيون بالراحة والنوم وإمضاء خدمتهم العسكرية بهدوء، حتى فقدوا الأمل تماماً وانسحبوا من البؤرة الاستيطانية منذ أسبوع مع المستوطنين.
لكنّ المواجهات التي تستمرّ إلى اليوم تؤكّد أنّ الفلسطينيين هذه المرة لن ينخدعوا بإجراءات الاحتلال التي قد تكون مسرحية ومحاولة لتنفيس الزخم الذي يظهره أهل بيتا والجوار في مواجهة المستوطنين ومشاريع الاستيطان، كما حصل عام 2018 عندما أخلى الاحتلال النقطة نفسها ليعود المستوطنون إليها بعد عدة أشهر.
وحتى لحظة نشر هذا المقال لا تزال المواجهات في بيتا جبل صبيح مستمرّة، حيث يشتبك الشبان الفلسطينيون منذ الصباح مع قوات الاحتلال في محيط الجبل الذين يريدون فضّ تجمّع الشباب وإنهاء الفعاليات تمهيداً لإعادة الهدوء للمستوطنات والمستوطنين.
وفي حصيلة غير نهائية، سقط 9 مصابين فلسطينيين إلى الآن معظمهم اختناقاً بغاز الاحتلال الذي تستمرّ الطائرات المسيّرة “الدرونز” بإلقائه على الشباب المتوزّعين في محيط جبل صبيح، بينما يردّ الشبان بإحراق الدواليب الكبيرة والرشق بالحجارة والمقاليع.
وكان الشهر الماضي قد شهداً تصاعداً كبيراً في وتيرة الاشتباكات وحدّتها نتج عنه استشهاد فلسطينيين كان آخرهم الفتى أحمد زاهي وهو الشهيد الرابع في بيتا خلال شهرٍ أي بالتزامن مع معركة سيف القدس، حيث خاض سكان البلدة مواجهات شبه يومية في المكان، الأمر الذي أدى لاستشهاد الفتى محمد سعيد حمايل، وقبله الشهيد الأستاذ زكريا حمايل، وقبله وكيل نيابة سلفيت، الدكتور عيسى برهم، بالإضافة إلى عشرات الإصابات.
ورغم الفاتورة الدموية التي يصرّ الاحتلال على تدفيعها للفلسطينيين، فهم يؤكّدون كلّ يومٍ أنّه لا تراجع لهم حتى طرد الاحتلال من أراضي القرية بشكل كامل مهما بلغ الثمن.
من مواجهات اليوم من مواجهات اليوم من مواجهات اليوم من مواجهات اليوم من مواجهات اليوم