انتشرت في الفترة الأخيرة الشعارات والحملات التي تهاجم محمد بن زايد ومن خلفه الإمارات العربية ردّاً على قراره تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
في الواقع، فإنّ ابن زايد هو وليّ عهد إمارة أبو ظبي ورئيس مجلسها التنفيذي، أمّا حاكمها فهو أخوه الأكبر خليفة بن زايد آل نهيان، وأبو ظبي إمارة من 7 إمارات تؤلّف دولة الإمارات العربية المتحدة التي هي دولة حديثة العهد تأسست سنة 1971.
والإمارات الستة الباقية هي أم القيوين وعجمان ودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة، ولكلّ منها حاكم هم:
الشيخ عبد الله بن راشد المعلا، والشيخ حميد بن راشد النعيمي، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ سلطان بن محمد القاسمي، والشيخ سعود بن صقر القاسمي، والشيخ حمد بن محمد الشرقي.
وللإمارات مجلس اتحاد يختار رئيس الدولة ونائبها ورئيس حكومتها.
ويعتبر حاكم أبو ظبي هو الأقوى سياسياً يليه حاكم دبي، حيث تستثمر الإمارتان قوّتهما الاقتصادية في قيادة السياسة الخارجية للإمارات.
وخلال السنوات العشر الأخيرة، تولّت أبو ظبي رسم طبيعة العلاقات الخارجية للإمارات بشكل شبه متفرّد، وتبعتها دبي في معظم قراراتها، بينما غاب عن المشهد السياسي للإمارات باقي الحكّام في حديث عن تصاعد في الشرخ بين مكوّنات مجلس الاتحاد الأعلى سببه الرئيسي غياب التوازن في توزيع الاستفادة من الثروة والانماء ومكتسبات السياسة الخارجية الإماراتية.
وجاء اليوم التطبيع مع الكيان الصهيوني ليزيد الشرخ الحاصل، اذ يبدو واضحاً أن باقي حكام الإمارات الخمسة ليسوا فقط غير متحمّسين للتطبيع، بل بعضهم قد يكون معارضاً له جملة وتفصيلاً بحسب الصيغة الحالية التي ترجّح كفّة المكتسبات والمنافع إلى جهة كيان الاحتلال.
يقود اليوم آل نهيان خيار التطبيع مع الكيان، وعلى رأسهم محمد ابن زايد ومعه أخوه الأصغر عبد الله وأخوه الأكبر خليفة، وتبعه في ذلك محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي.
بينما لم يصدر حكام الشارقة، وعجمان، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والفجيرة أي تأييد رسمي لاتفاق التطبيع، فيما تجاهل جلّ أبنائهم وأبناء عمومتهم التعليق أيضاً.
الأمر اللافت كذلك أنّ تصريح حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم المؤيد للتطبيع، بالقول إن “التاريخ يكتبه الرجال والسلام يصنعه الشجعان”، لم يتبناه غالبية أبنائه، الذين فضّلوا الصمت عن التطبيع.
بل إنّ 33 حساباً فاعلاً من أسرة آل مكتوم لأبناء محمد بن راشد، وآخرين عبر “انستغرام” و”تويتر”، تجاهلوا التطبيع الرسمي مع الاحتلال، ولم يصدروا أي تأييد له.
اثنتان من بنات حاكم دبي أبدتا موقفاً مؤيداً للاتفاق، لكن بدون تبنٍّ حقيقي، الأولى الابنة الكبرى منال، والمتزوجة من منصور بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير شؤون الرئاسة، إذ أعادت نشر تغريدة لمحمد بن زايد حول الاتفاق، والثانية لطيفة التي أعادت نشر تغريدة والدها.
إمارة الشارقة، التي يحكمها سلطان بن محمد القاسمي، سجّلت عبر شيوخها الموقف الأجرأ ضدّ اتفاقية التطبيع مقارنة بغيرها.
إذ قامت الشيخة جواهر القاسمي، زوجة حاكم الشارقة، بإعادة نشر خبر من “سي إن إن” لتركي الفيصل يدعو أن تكون إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس هو ثمن التطبيع السعودي مع إسرائيل.
بدور القاسمي، ابنة حاكم الشارقة، تجاهلت التعليق على اتفاق التطبيع، وأبقت تدوينة جاء فيها “أنا فلسطينية حتى تحرر فلسطين، ولبنانية حتى تشفى بيروت”.
أمّا حاكم رأس الخيمة، سعود بن صقر القاسمي، فقد تجاهل هو الآخر التعليق على اتفاق التطبيع.
وسط هذا الجو، لا يعود الكلام فقط عن كون التطبيع الإماراتي مع الكيان رسمياً ولا يعبر بالضرورة عن خيار الشعب، بل يمكن القول إنه حتى على الصعيد الرسمي، يبدو قرار التطبيع “مسلوقاً” ومستعجلاً وغير ناضج بعد في الدوائر السياسية الإماراتية كما يجب حتى يتمّ الحديث عن قرار قويّ يعبّر عن خيار إماراتي حقيقي.
هو اتفاق بين آل زايد ونتنياهو وترامب، سيؤدّي بلا شكّ إلى معارضة ستظهر مستقبلاً أكثر فأكثر في الإمارات المختلفة.