عقدت العلاقات الإعلامية للفصائل الفلسطينية مؤتمراً يوم السبت 20 شباط في غزّة للإعلان عن ميثاق الشرف لمواجهة التطبيع الإعلامي مع الاحتلال الصهيوني.
المؤتمر الذي شاركت فيه مجموعة شخصيات مثّلت مختلف الفصائل وحركات وشخصيات فاعلة في المجال الإعلامي أكّد على الأساسيّات التي يجب تثبيتها في قاموس العمل الإعلامي المطلوب اليوم لمواجهة الهجمة التطبيعية الكبيرة على الشعوب العربية والإسلامية.

واعتبر المجتمعون أنّ الكيان الصهيوني اليوم قد جعل من التطبيع الإعلامي أحد أبرز أدواته لتثبيت كيانه وبناء علاقات طبيعية مع دول المنطقة وأنّ هذه الهجمة بشكلها الجديد توجب على الفلسطينيين أولاً والعرب والمسلمين والرأي العام العالمي المناصر للقضية الفلسطينية ثانياً مواجهة كافة أشكال التطبيع ولا سيما التطبيع الإعلامي. وأكّد البيان الافتتاحي أنّ “الأصوات الداعمة للتطبيع الإعلامي مع الكيان تسعى لتدجين وعي الشعوب، كما تريد أن تتراجع القضية الفلسطينية عن كونها قضية العرب والمسلمين الأولى لصالح الصراعات مع عدوّ بديل يخلق هنا وهناك لتشتيت طاقات الشعوب العربية واستنزافها خارج قضيتها المركزية، فيصبح العدوّ الصهيوني حليفاً طبيعياً لبعض هذه الدول في مواجهة الأعداء المختلقين. من هنا برزت أهمية مواجهة التطبيع الإعلامي مع الاحتلال بشكل مدروس وممنهج، حتى تتوحّد الطاقات والجهود على مستوى فلسطين والعالمين العربي والإسلامي على أساس ميثاق واضح”.
تلا بنود الميثاق المتحدّث باسم العلاقات الإعلامية عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية هاني الثوابتة، وأهمّها:
- تجريم التطبيع الإعلامي.
- دعوة الإعلاميين والسياسيين والشخصيات الرسمية والنافذة التعهّد بعدم الظهور على منصات الاحتلال.
- عدم استضافة ممثل رسمي أو غير رسمي للكيان الصهيوني على أيٍّ من المنصات المشاركة وعدم او التعاون مع الاحتلال من أجل ظهور شخصياته على أي منصة مشاركة في الميثاق أم غير مشاركة.
- دعوة الإعلاميين والسياسيين والشخصيات لعدم الظهور في برامج يكون فيها ضيوف صهاينة سواءً كانت على منصة فلسطينية أو عربية أو أجنبية.
- عدم تداول مقاطع من إنتاج جهات مطبعة مع الاحتلال حتى لو لاستهجانها والاعتراض عليها.
- السعي إلى تفنيد خطاب التطبيع وتفكيك حججه والرد عله بالأدلة المنطقية.
- تحريم وتجريم مشاركة إعلاميين عرب في ورش عمل (عربية كانت أم أجنبية) يشارك فيها الاحتلال.
- الحذر في نقل الاخبار مباشرة من منصات العدو الصهيوني وفي حال الضرورة نقلها بعد التحقق منها.
- عدم التعامل بالمصطلحات الاعلامية التي يفرضها الاحتلال مثل “جيش الدفاع” و”يهودا والسامرة” وغير ذلك..
- دعوة وسائل الاعلام العالمية إلى مقاطعة ممثلي العدو وشخصياته.
وبعد الإعلان عن بنود الميثاق ألقى القيادي خالد البطش ممثلاً الفصائل الفلسطينية كلمة أبرز ما جاء فيها:
بعد هزيمة العام 67 التي بموجبها استكمل العدوّ احتلال فلسطين ووصلت قواته إلى هضبة السويس واحتلت أجزاء من سوريا ولبنان عقد العرب قمة الخرطوم التي عرفت بقمة اللاءات الثلاث “لا صلح لا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل”. شفع لهؤلاء القادة خوضهم حرب أكتوبر عام 73 التي انتصر بموجبها الجيش المصري ولكن خلف هؤلاء القادة من تنكّروا للثوابت وتبنى القادة العرب خطاب الواقعية السياسية التي تعني فيما تعنيه أن يتنازل العربي وهو ضحية عن حقّه في وطنه خدمة للعدو الصهيوني وتأمين حدود كيانه ووقف الاشتباك معه. فخرجت بعض الدول من خيار المواجهة مع العدو، بل ذهبت الى الاعتراف بشرعية العدو بناءً على إملاءات الأمريكان وكان آخرهم الأزعر ترامب الذي أجبر العرب على إعلان صريح عن استسلامهم أمام العدوّ الصهيوني وبالتالي إدانة أنفسهم عربياً وإسلامياً.. وفي سبيل المدافعة عن مواقفهم الانهزامية كان لا بدّ أن يسخّروا كافّة وسائلهم الإعلامية لتضليل الجماهير العربية فأنتجوا المسلسلات والأفلام التي تخدم رواية التطبيع وتشرّع بقاء إسرائيل على أرض فلسطين وتسمح بدمجها في المنطقة.

من هنا تأتي أهمية عقد هذا المؤتمر من قبل العلاقات الإعلامية لوضع ميثاق للتصدي للتطبيع لمنع دمج كيان الاحتلال إعلامياً بمحيطه العربي لتبقى صورة العدو في أذهان شعوبنا صورة العدو المجرم، عدو الشعوب الذي يحتلّ ديارنا ومقدساتنا ويسيء لعيسى بن مريم كما يسيء لنبيّ الإسلام.
ولا بد في هذا السياق من التأكيد على التالي:
- أنّ فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين.
- التأكيد المستمر على رفض خيار التسوية والاعتراف به.
- التركيز في خطابنا على ضرورة الغاء كل الاتفاقيات وعلى رأسها أوسلو ووادي عربة وصفقة القرن.
- تبني خطاب المقاومة مطلقاً في فلسطين لبنان وكل مكان ضدّ العدوّ.
- مراسلة كافة وسائل الاعلام العربية والإسلامية لوقف استضافة الشخصيات الصهيونية .
- محاكمات علنية لكل وسيلة إعلامية تشارك في التطبيع وفضحها أمام الرأي العام.
- إطلاق لائحة سوداء علنية تفضح كل المتورطين في عملية التطبيع الإعلامي مع الاحتلال من رجال أعمال وصحافيين وإداريين وغيرهم.
- اعتبار التطبيع اعترافاً بشرعية المحتل للقدس وخذلاناً لتضحية الشعوب وتنكراً للثوابت الإسلامية.
- ندعو الدول التي ذهبت للتطبيع مرغمة أن تبدأ بالتراجع عن هذا التطبيع لصالح شعبها وأمنها القومي.
- تبني خطاب الوحدة الوطنية وكل ما يساهم بإنهاء حالة الانقسام الداخليّ والتوحّد خلف مشروع التحرير.
- في معركة الوعي يجب الالتفات إلى محاولات خلق أعداء جدد وهميين، والتنبّه من أن يصبح العدو حليفاً.
بعد ذلك ألقى رئيس حملة المقاطعة في فلسطين باسم نعيم كلمة ممثلاً الجمعيات والمنظمات المشاركة، استهلّها بالدعوة إلى أن تكون الانتخابات القادمة مناسبة للوحدة والمصالحة بين الجهات السياسية الفلسطينية، ثمّ وجّه الشكر للإعلاميين والاعلاميات على موقفهم الوطني والسبّاق والمتوقع منهم، وأكّد أنّ “الإعلاميين بادروا قبل أن يكون هناك ميثاق مكتوب وهم أكدوا بنود ميثاق الشرف وكانوا السباقين للتأسيس له”، ولفت إلى أنّ هذه المرحلة هي “محاولة جديدة لاختراق أمتنا على مستوى الشعوب لأنّ العدو يهتمّ باختراق الشعوب فالحكام أمرهم منتهٍ” و أنّ “الإعلاميين اليوم هم رأس حربة في مشروع تزييف وعي الشعوب وإعادة تعريف الصراع ورسم الجبهات فالإعلام اليوم يصنع بعض المعارك التي هي أصلا غير موجودة وليس فقط يضخم ويعتّم”. وطالب نعيم بأن لا يتوقف الأمر عند هذا الميثاق، لأنّ “هناك حاجة لمواثيق شرق تشمل كل المجالات الأخرى الرياضية والفنية والأكاديمية وغيره” كما اعتبر أنّه هناك حاجة للتوسّع أفقياً وجغرافياً، ولا بدّ من نقل هذا الميثاق إلى البدان العربية والإسلامية وتكوين جبهة عربية مواجهة للتطبيع إذ لا بدّ من تعزيز مواقف المناهضين للتطبيع في العالم العربي والإسلامي والعالم.
الإعلامي عبد الناصر أبو عون ألقى كلمة باسم الإعلاميين، أثنى فيها على المؤتمر والميثاق وأكّد أنّ دور الصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين اليوم هو حمل القضية الفلسطينية عبر كافة الوسائل الإعلامية المصورة والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية والإعلام الجديد، وأنّه هناك “ضرورة للعمل لبناء استراتيجية واضحة لمواجهة المشروع التطبيعي الإعلامي”، كما دعا إلى العمل مع الاتحاد العام للصحافيين العرب للانضمام إلى الميثاق، ومع المفكرين والمثقفين العرب لوضع دليل للمصطلحات المستخدمة حول الشأن الفلسطينية، منعاً للوقوع في تطبيع لغوي مع الاحتلال، كما طلب من الجهات الإعلامية التدقيق في المواد المترجمة ومضمونها عندما يكون المصدر هو منصات الاحتلال.
وفي ختام المؤتمر قام المجتمعون بالتوقيع على الميثاق وأكّدوا العمل لنشره والالتزام به على مستوى الإعلام المناصر للقضية الفلسطينية حول العالم.