هبطت أول طائرة لكيان الاحتلال في الإمارات ، وعلى متنها الوفد الأميركي الإسرائيلي المشترك لتطبيع العلاقات بين تل أبيب وأبو ظبي.
ويرأس الوفد المشترك المستشار الخاص للرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير، ويضم مسؤولين إسرائيليين كباراً أبرزهم رئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات.
الطائرة الإسرائيلية لم تحمل على متنها الوفد المشترك فقط، بل كانت محمَلة أيضاً بكم من الرسائل المحددة والمقصودة.
الرسالة الأولى تتعلق بكلمة “سلام” المكتوبة على هيكل الطائرة باللغات الثلاث العربية والإنكليزية والعبرية، علماً أن “الطائرة المدنية” التي هبطت في مطار أبو ظبي كانت مزودة بنظام حماية من الصواريخ، وكأن كيان الاحتلال أراد القول أنه مهما فعل العرب فلا ثقة بهم، أو بمعنى أخر أنه “سلام تحميه الصواريخ”.
الرسالة الثانية كانت في اسم “كريات غات” الذي أُطلق على الطائرة، فهو يدل على واحدة من أكبر المستعمرات الإسرائيلية التي أقيمت في أعقاب النكبة على أنقاض بلدتي عراق المنشية والفالوجة الفلسطينيتين الواقعتين شمال غزة.
وتناقل نشطاء فلسطينيون روايات عن مقاومة عراق المنشية والفالوجة، التي شاركت في دعمها حاميات مصرية شارك فيها الرئيس المصري الراحل “جمال عبد الناصر” بنفسه.
وحسب المؤرخ مصطفى كبها في “دفاتر النكبة”، فقد استشهد على أرض البلدتين أكثر من 100 فلسطيني وعربي قبل سقوطها في يد العصابات الصهيونية كآخر القلاع، التي صمدت بعد شهور طويلة من بدء حرب النكبة عام 1948.
لم يتم اختيار اسم الطائرة بشكل عبثي، بل كان الاختيار دقيقاً وعن سابق إصرار أراد الإسرائيلي قولها جهارةً أن ما يسميه العرب “نكبةً” يراه كيان الاحتلال انتصاراً تاريخياً لا يمكن المجاملة فيه، ومن ناحية آخرى هي رسالة واضحة بأن “الضم” سيستمر حتماً.
أما ثالث الرسائل كانت في شخصية مسؤول الوفد الإسرائيلي “مائير بن شبات”، حيث كان باستطاعت الاسرائيلي اختيار شخصية ذات طابع وتاريخ دبلوماسي لهذه الرحلة أو شخصية جديدة على الساحة، لكن واستمراراً لمسلسل الرسائل المحمل على متن الطائرة، اختار الاسرائيلي الشخصية بعناية ودقة.
يُعتبر “مائير بن شبات” رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي، الرجل ذو التأثير الواسع الذي يتجنب الأضواء، هو أمين سر”نتنياهو”، ومقرباً منه جداً، والمسؤول عن جميع القضايا الخارجية والأمنية، لاسيما العلاقات السرية التي تربط كيان الاحتلال بالدول الخليجية، والتي يفاخر نتنياهو بها على الدوام.
وقبل تقلُّده رئاسة مجلس الأمن القومي، كان “بن شبات” رئيس المنطقة الجنوبية لجهاز الشاباك، ويعتبر أحد الجنرالات المسؤولين بشكل مباشر عن شنّ الحرب على غزة عام 2014، وتدمير وقصف مئات البيوت الفلسطينية، وأيضاً من بين المناصب والمهام التي شغلها داخل “الشاباك” إدارة سير الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2008، باختصار شخصية “مائير بن شبات” رسالة صريحة بأن “التطبيع لن يغير من سياستنا، مستمرون في قتل الفلسطينيين”.
الرسالة الأخيرة في رحلة الطائرة كانت في كونها أول رحلة تجارية لخطوط الملاحة الإسرائيلية تعبر الأجواء السعودية، حيث استغرقت الرحلة 3 ساعات فقط بدل 8 ساعات.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشف بعد الإعلان عن اتفاق التطبيع مع الإمارات أن الاتفاق يشمل تسيير رحلات طيران مباشرة بين تل أبيب والمطارات الإماراتية مرورا بالأجواء السعودية.
هي رسالة واضحة بأن الإمارات ليست آخر الأنظمة العربية المطبعة، كما أن هذه الخطوة تمهد الطريق لدول خليجية أخرى لإعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني في وقت لاحق أسوةً بالإمارات.