بقلم مايكل لينك/كيتي نيفياباندي – ناشطين في مجال حقوق الإنسان

مرة أخرى، انطلقت حرب القذائف والصواريخ بين كيان الاحتلال وغزة. وعندما أُعلن وقف إطلاق النار أخيرًا يوم الخميس 21 أيار، كان ما لا يقلّ عن 242 فلسطينيًا – من بينهم ما لا يقل عن 66 طفلاً – قد لقوا حتفهم في غزة، إلى جانب 10 مستوطنين “إسرائيليين”، من بينهم طفلان. كما قامت قوّات الاحتلال بقتل 14 فلسطينياً على الأقل في الضفة الغربية من الذين خرجوا في تظاهرات احتجاجًا على العنف في غزة، وتعرّضت غزة لتدمير هائل في الممتلكات، واضطرّ ما يقارب 75000 فلسطيني إلى اللجوء إلى مدارس الأمم المتحدة وغيرها من المواقع هربًا من الصواريخ والبيوت المهدمة.

كمراقبين دوليين لحقوق الإنسان، نعتقد أنّ إطلاق كيان الاحتلال للصواريخ والقذائف على مناطق مكتظة بالسكان في غزة، وتسبيبها خسائر فادحة في صفوف المدنيين وتدمير الممتلكات وقصف مكاتب الإعلام الدولية، كلّ هذه تشكّل جرائم حرب موصوفة.

لا يمكن تبرير فشل المجتمع الدولي المطلق في التوصّل إلى وقف فوريّ لإطلاق النار. فخلال 11 يومًا من العنف، فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الاتفاق على بيان مشترك بعد أربعة اجتماعات – ناهيك عن اعتماد قرار ملزم يطالب بوقف فوري للأعمال العدائية من قبل الأطراف – ما يعتبر خيانة للنظام القانوني المتفق عليه وعدم إنصافٍ للنظام الدوليّ القائم على القواعد والقوانين.

ولكنّ الأهمّ من ذلك أنّنا نشعر بقلق شديد من رفض مجلس الأمن معالجة الأسباب الجذرية لإراقة الدماء الأخيرة.

إن الواقع الكامن وراء العنف في غزة والمظاهرات في شرقيّ القدس والضفة ضد الإخلاء القسري للسكان الفلسطينيين من منازلهم هو قتال غير متكافئ للغاية: 54 عامًا من الاحتلال من قبل أحد أفضل الجيوش تجهيزًا في العالم، ويحكم بالقوة شعبًا لديه كامل الحق في إنهاء حكم أجنبيّ وغير قانوني على أرضه. لا يمكن أن يكون هناك حلّ عادل ودائم “للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني” دون الاعتراف بهذه الحقيقة الأساسية والمبدئية.

الهجمات الأخيرة لم تكن غير مألوفة بالنسبة لما شهدناه من وقائع مخيفة في الحروب السابقة في غزة في أعوام 2008 و 2012 و 2014 و 2018. قوة النيران الإسرائيلية المتفوقة تتسبّب في ارتفاع عدد القتلى والجرحى ونطاق أكبر بكثير من تدمير الممتلكات في غزة.

يقيمون في خيمة على أنقاض منزلهم المدمر في غزة

يقع جزء كبير من المسؤولية عن هذا الفشل على عاتق الولايات المتحدة. ففي الأسبوع الماضي، أعاقت مرارًا بيانًا اتفق عليه الأعضاء الأربعة عشر الآخرون في المجلس. ومنذ عام 1973، استخدمت الولايات المتحدة حقّ النقض ضدّ 31 قرارًا ينتقد “كيان الاحتلال” في مجلس الأمن، ممّا أدى إلى شلل دائم في أهمّ هيئة سياسية في العالم.

كما اعترف باراك أوباما في مذكراته الأخيرة: “وجد دبلوماسيونا أنفسهم في موقف حرج من الاضطرار إلى الدفاع عن “كيان الاحتلال” بسبب الأفعال التي عارضناها نحن. كما كان على المسؤولين الأمريكيين أن يشرحوا لماذا لم يكن من النفاق بالنسبة لنا الضغط على دول مثل الصين أو إيران مدرجة في سجلاتها في مجال حقوق الإنسان بينما كنا لا نُظهر الكثير من الاهتمام بحقوق الفلسطينيين “.

بيانات كندا خلال أحداث عنف غزة لا تقدّم أيّ انتقاد مباشر لـكيان الاحتلال

إن “التهاب الحنجرة” الدبلوماسي الكندي بشأن هذه القضية مذهل بنفس القدر، فبيانات كندا خلال أحداث عنف غزة لا تقدّم أيّ انتقاد مباشر لـكيان الاحتلال ولم تذكر الاحتلال. تمتلك كندا واحدة من أضعف سجلات التصويت على قرارات بشأن الاحتلال الإسرائيلي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ساهمت في محاولتها الفاشلة للحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي.

هذه الاستثناءات تجاه كيان الاحتلال تنتهك الجوهر العالمي لحقوق الإنسان. فقد تمّ عزل مليوني فلسطيني يعيشون في غزة عن العالم الخارجي بسبب الحصار الإسرائيلي الشامل البري والبحري والجوي لمدة 14 عامًا والذي نتج عنه معدل بطالة في غزة بلغ 45 في المائة، ويعتبر من بين الأعلى في العالم.

العنف المسلّح حين يصبح جزءاً من أيديولوجيا عنصرية صهيونية

إن المصدر الوحيد لمياه الشرب في غزة – طبقة المياه الجوفية – غير صالح للشرب على الإطلاق، كما ينعم سكان القطاع المحاصر بالكهرباء لمدة ست إلى عشر ساعات فقط يوميًا.

الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو أنّ نظام الرعاية الصحية في غزة يكاد يرفع يديه معلناً الاستسلام. فخلال الحصار، حرم القطاع من المعدات والأدوية والموظفين المدربين. وخلال الفترة الماضية، كاد ينهار بالفعل تحت ويلات وباء covid-19 . والآن، تكافح المستشفيات وتوابعها من أجل معالجة ما يقرب من 2000 فلسطيني أصيبوا خلال العدوان الأخير.

وصف أمينان عامان للأمم المتحدة مؤخرًا الحصار الإسرائيليّ لغزة بأنّه عقاب جماعي ضد الفلسطينيين في غزة، وخرق خطير لاتفاقيّة جنيف الرابعة، المصدر الرئيسي للقانون الإنساني الدولي. غزّة أزمة فريدة لحقوق الإنسان في التاريخ الحديث. حيث هل يوجد في العالم شعب واقع تحت الاحتلال ومسجون في سجن كبير في الهواء الطلق كما هو الحال في غزة؟

والأهم من ذلك، متى ستمتلك كندا الشجاعة الدبلوماسية لمحاسبة كيان الاحتلال على احتلالها فلسطين وعلى العنف الذي نتج عن الاحتلال؟

(مترجم من الإنكليزية)