ثائر عبيد، ابن مدينة القدس، هو بطل الفصل الجديد وضحية الرواية التي يكتبها الاحتلال الصهيوني بجرافاته ومتفجراته، والتي ينفذ بها قرارات تستند إلى قانون الطوارئ الذي سنّه الاحتلال البريطاني لفلسطين، ولا زال الاحتلال الصهيوني يطبّقه على أبناء الأرض.

فقد أجبرت قوات الاحتلال الصهيوني ثائر على هدم داره في قرية العيسوية بمدينة القدس، يوم الثلاثاء 12/12/2022، في إجراء تعسفي يواجهه ثائر للمرة الثانية خلال أربعة أشهر، بعد أن أكرهته قوات الاحتلال على هدم داره الأخرى في أريحا !

 

“أصعب قرار بحياتك إنّك تهدم دارك بإيدك”؛ هذا ما يقوله ثائر الذي يتابع مخاطباً كل الذين يمرون بمثل تجربته المؤلمة: “رسالتي للناس: ما تستلم لقرار اسمه هدم… ارجعوا ابنوا”.


هدم وتشريد

من المعلوم أن هدم هذه البيوت يتمّ تنفيذاً للقرارات الإدارية، التي لا تلتزم بالإجراءات القضائية، والتي تصدرها قوات الاحتلال بحق البيوت الفلسطينية بذريعة عدم حصولها على ترخيص بناء، وهو الترخيص المستحيل تقريباً في ظل سياسة تفريغ الأرض من أهلها التي يطبّقها الاحتلال الصهيوني منذ عقود.

ولمن لا يعلم فإن الفلسطينيين يلجؤون إلى هدم بيوتهم بأنفسهم لأن القرارات الإدارية المذكورة تتضمن فرض غرامات وتكاليف مادية عالية جداً على الفلسطينيين في حال قيام قوات الاحتلال بتنفيذ هدم البيوت بنفسها، مما يدفع الفلسطيني لهدم بيته بيده تجنّباً لدفع التكاليف والغرامات الباهظة للاحتلال، والتي وصلت في حالة ثائر إلى ما يتجاوز 85 ألف دولار !

يضاف بيت ثائر إلى مئات البيوت الفلسطينية التي هدمها الاحتلال الصهيوني خلال هذا العام، وإلى قائمة طويلة من مئات آلاف المنازل التي دمرتها آلة الخراب الصهيونية منذ عام 1948 وحتى اليوم.

 

فبحسب ما ورد في التقرير الذي أصدره مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (الأوتشا)، مطلع تشرين الأول الماضي، فقد بلغ عدد المباني التي تم هدمها أو الاستيلاء عليها في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام (590 مبنى)، وعدد من تم تشريدهم (707 أشخاص)، وأشار التقرير إلى أن ثلاث مدارس، من بينها مدرستان ممولتان من جهات مانحة، معرّضة لخطر الهدم الوشيك، وكل ذلك يتمّ – وفق تقارير المكتب الأممي – بدون سابق إنذار، أو بإعطاء المالكين مهلة قصيرة المدى، وذلك باستخدام العديد من الأوامر العسكرية التي تحول دون قدرة الأشخاص على الاعتراض المسبق على القرار.

يُذكر أن قرارات الهدم الإدارية التي تعتمد عليها هذه السياسة الإجرامية الصهيونية، هي قرارات تستند إلى قانون الطوارئ الذي وضعه واستخدمه الاستعمار البريطاني لفلسطين عام 1945، وظل سارياً بعد إقامة الكيان الصهيوني، الذي ما زال يستخدمه ضد الفلسطينيين في البلاد بذرائع أمنية شتى، حيث تنصّ المادة 119 من قانون الطوارئ البريطاني على أن هدم المنازل هو إجراء إداري يطبّق دون محاكمة ودون الحاجة إلى إظهار أدلة.

 

هذا ما يحصل في فلسطين يوميّاً، وهو ما ينتظره 14 مبنى سكنياً فلسطينياً أعلنت سلطات الكيان الصهيوني قبل الأمس أنها ستقوم بهدمها، ويقع أغلب هذه المباني في منطقة مسافر يطا بمحافظة الخليل.